أكد سعادة السيد محمد جهام الكواري، سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية، على مبادئ السياسة الخارجية لدولة قطر ، مشددا على أن دولة قطر، تسعى كدولة ذات سياسة خارجية ناشطة، إلى لعب دور إيجابي في بناء السلام والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وقال الكواري، أمام حشد من الطلاب والباحثين الأمريكيين والأجانب في بيت الطالب الدولي في العاصمة الامريكية واشنطن والذي يهتم بتعزيز التبادل الثقافي والعلاقات الدولية، إن الشرق الأوسط يقف عند مفترق طرق حاسم، إذ يتم المساس بالأمن والنظام والسلام فيه، لافتا إلى الدمار الذي يلحق بالعديد من دول المنطقة التي تغرق في الانقسامات الطائفية والحروب الأهلية والإرهاب.
ورأى أنه لمواجهة التحديات المتزايدة لا بد من العمل على إبراز أشكال جديدة من السلطة من خارج حدود القوة التقليدية والعسكرية تكون أكثر إبداعا وابتكارا.
ولفت السفير الكواري إلى أن سياسات الدول عموما، تتمحور حول الانضمام إلى تحالفات واسعة وتوظيف ثرواتها ومواردها الوطنية لضمان استقلال أكبر لسياستها الخارجية ولنفوذها، موضحا أن هذين المثلين من السياسة يكملان استراتيجية سياسة قطر الخارجية، وليسا حصريين في هذه الاستراتيجية.
وأشار إلى أن قطر تشارك في تحالف إقليمي (مجلس التعاون لدول الخليج العربية ) وفي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة... وفي الوقت نفسه تنتهج سياسة خارجية مستقلة تنطوي على ديناميكية دبلوماسية محفزة للحراك السياسي في داخل الدولة وأنحاء المنطقة.
وأوضح أن قطر مارست لعقود شكلا فريدا من سياسة القوة الناعمة، من التركيز على الدبلوماسية والثقافة والاقتصاد، مشددا على أن هذه السياسة تتطلب إبداعا سياسيا.
كما أشار سعادته إلى دور قطر كوسيط سلام موثوق بها في المنطقة، مشددا على أن الوساطات القطرية تميزت بأنها كانت عادلة ومتجردة في الصراعات والنزاعات الإقليمية وحازت على ثقة مختلف الجهات الفاعلة سواء الحكومية أو غير الحكومية، مضيفا إن قطر نجحت في إطلاق سراح الرهائن العربية والأجنبية لدى الجماعات المتطرفة في المنطقة، بما في ذلك قوات حفظ السلام الدولية والصحفيين الأمريكيين.
وحول العلاقات مع إيران، قال السفير الكواري، إن قطر تحتفظ بعلاقات جيدة مع طهران وهي دائما كانت تدعو إلى حل سلمي ودبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية.، لافتا الى دعوة الدوحة لاستضافة الحوار مع إيران العام الماضي في سعي إلى تجاوز الخلافات من خلال التركيز على المصالح المشتركة.
وشدد سعادة السيد محمد جهام الكواري، سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية على أن قطر تمكنت من بناء سياسة خارجية فريدة لا تستند على القرارات التاريخية ولا تحكمها الأحداث الكبيرة أو العمليات العسكرية بل تنطوي على خطوات صغيرة وتدريجية، ومؤلمة في بعض الأحيان، نحو التغيير والتقدم... وقال هذا ما سعينا إليه في سوريا منذ بداية النزاع من خلال دعوة النظام السوري إلى فتح الأبواب امام الإصلاحات السياسية والمدنية تدريجيا... في مقابل ذلك حرصنا على تقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة الشعب السوري، لافتا إلى أن هذه الجهود نجحت في تأسيس البرامج الصحية والمبادرات التعليمية لمساعدة الشعب السوري.
أما في موضوع اليمن، فأكد السفير الكواري سعي قطر إلى نهاية سلمية للصراع تمهد الطريق لجهد دولي مشترك لإعادة بناء البلد.
وبشأن الوضع في ليبيا، أشار الكواري إلى مواصلة دعم قطر للجهود الوطنية والإقليمية الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وفي فلسطين، قال إن قطر رائدة في الجهود الاقتصادية لإعادة بناء مدينة غزة، بعد الدمار الذي حل فيها إثر الحرب، مشددا على أن قطر تساند أيضا الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حكومة وحدة وطنية بين الفصائل السياسية الفلسطينية.
كما لفت إلى اللقاءات الحالية للقادة الفلسطينيين في قطر لاستكشاف آفاق الوحدة والمصالحة الوطنية... وقال إن قطر تعتقد أن توحيد الجبهة الفلسطينية ينعش الآمال في حل النزاع الذي طال أمده.
من جهة أخرى، شدد السفير الكواري على أهمية الحاجة إلى الإصلاحات السياسية والمدنية لضمان استمرارية مكافحة التطرف العنيف والقضاء جذريا على أسبابه، لافتا إلى أن التجربة السياسية تعلمنا أن التقدم لا يأتي بسهولة. وأشار إلى أن محاربة التطرف يجب أن تشمل ليس فقط العمليات العسكرية، بل الاستثمار في رأس المال البشري من خلال تعزيز التعليم وخلق فرص للأجيال القادمة. ونحن ندرك أن النضال ضد الإرهاب لن يتوقف مع القضاء على "داعش"، بل أنه يتطلب استراتيجية شاملة لمكافحة الإيديولوجيات المتطرفة والاستبداد السياسي، ووحشية النظام، والطائفية.
وأوضح أن قطر دعمت الإصلاحات السياسية والحكومات المنتخبة ديمقراطيا في مصر وتونس وفلسطين وغيرها، مشيرا إلى أنه رغم تكلفة هذا الموقف السياسي الكبير، لم تتردد الدوحة في دعم الدعوات العربية من أجل الحرية والعدالة في جميع أنحاء المنطقة.. ولأن قطر تدرك أهمية الاستقرار والازدهار في المنطقة، "فإننا نواصل الدعوة إلى إيجاد الحلول عبر الوسائل الدبلوماسية والسلمية".
و"لأن السياسة الخارجية تبدأ من الداخل"، تحدث السفير الكواري عن الإصلاحات التي اتخذتها قطر لتحسين نظام العمالة وأداء مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، حيث أشار إلى أن قطر، كدولة عربية مسلمة، تحترم التنوع الديني ومدارس الفكر في مجتمعنا وخارجه، لافتا إلى أن الدوحة تحاول مقاومة تقسيم الأمة العربية طائفيا، كما أن القطريين يدركون أن المواطنة مبدأ أساسي للحكم الحديث.
كما تطرق السفير الكواري إلى علاقات التعاون القطرية الأمريكية سواء على الصعيد العسكري أو من خلال المبادرات الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية، بما في ذلك برامج مكافحة التطرف العنيف والتعليم والتبادل الأكاديمي والاستثمار المستدام، والمبادرات من أجل الشباب وتمكين المرأة، وبرامج الحوار بين الأديان، مشيرا إلى تميز المدينة التعليمية في الدوحة من خلال استضافتها لإحدى عشرة جامعة وكلية دولية، ست منها أمريكية إضافة إلى المعاهد البحثية المتميزة والمنظمات الدولية.
وقال سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية، إن فائدة هذه المؤسسات لا تشمل القطريين فحسب بل أيضا تشمل عددا كبيرا من الشباب من جميع أنحاء المنطقة، موضحا أن ذلك يعتبر مساهمة من دولة قطر في منطقة تشهد أعلى معدل للبطالة، وهي أكثر عرضة للتطرف العنيف.
وأضاف إن هذا ما يفسر حرص دولة قطر على استضافة كأس العالم 2022 والأحداث الرياضية الكبرى الأخرى، لافتا إلى أن هذه الأحداث الرياضية الدولية هي فرصة فريدة لبناء الجسور وتضميد الجراح، وإرسال رسالة أمل، وجمع الملايين من الناس في روح السلام والفرح والوحدة.